تُعَدُّ المخطوطات، من أهم مصادر تدقيق الرّواية التّاريخيّة، خصوصاً وأنّ هناك من المناطق كـ”الصّحراء”، ما يعتمد على الرّواية الشّفهيّة، التي تتوارثُها الأجيالُ، تِباعاً، إلاّ أنّ اِكراهَ عدم توفُّر تكوينات خاصّة بصيانة الوثائق، ونذرة المكتبات والأرشيفات، هي أمورٌ تُصعّبُ -إن لم نقُل تهدّد- من اِستمرار هذا المخزون التّاريخي والثّقافي الغني، بغنى تراثه اللاّمادي والمادي، الذي يستدعي -أكثر من أيّ وقتٍ مضى- تثمينهُ والمحافظة عليه وتعزيز سُبُلِ البحث فيه.

يأتي ذلك، موازاةً مع ما تشهدُهُ السّاحة الثّقافية بالصّحراء، حيثُ يُنظّمُ المركز الثّقافي “الكنتي”، يوماً دراسيّاً تكوينيّاً، حول واقع وآفاق تحقييق المخطوطات في الاقاليم الجنوبية للمملكة “مخطوطات المدرسة الكنتية نموذجا” بشراكة مع المندوبية الجهوية للثقافي بـ”العيون”، وبتعاون مع مجموعة من فرق ومراكز البحث والتوثيق التّابعة لبعض الجامعات الوطنيّة، وبمشاركة مُكثّفة من الطّلبة الباحثين القادمين من مُختلف جهات المملكة للمُشاركة في هذا اليوم التّكويني.

هذا الحدث، سيكون بتأطيرٍ من أساتذة مُتخصّصين في تحقيق التُّراث ومن أخصائيي بعض المكتبات والخزانات الوطنيّة، المُتمرّسين على حفظ وتحقيق المخطوطات.

هذا اليوم الدراسي، بالنسبة للمركز هو  بمثابة حصيلة مرحليّة في مواكبتةٍ منه، لأعمال تحقيق وتثمين التُّراث بالجهات الجنوبيّة للمملكة، والتّعريف بالثّقافة العالمة للصّحراء، التي شكلت رُكنًا متيناً من حضارة “المغرب” العتيدة، هذا من جهة، ومن جهة أخرى تقييمه لأداء المركز سواء من حيث المواكبة والتتبع للطلبة الباحثين، أو من حيث الخدمات التي يقدمها، من توفير نسخ للمخطوطات والنسخ والطبع المجاني في مكتبة المركز وكذا استضافة الباحثين القادمين من شمال المملكة أو من خارج الوطن.

إلى ذلك، يشتمل برنامج اليوم الدراسي على جلسات علمية تأطيرية، وعلى ورشات عملية في تحقيق المخطوط، كما سيكون فرصة لتقاسم التجارب بين الباحثين في مجال تحقيق المخطوطات، وكذا سبل تجاوز بعض المشاكل التي تعترضهم. وسينظم على هامش اليوم الدراسي، معرضا للمخطوطات الموجودة في مكتبة المركز الثقافي الكنتي بالعيون، والى جانب ذلك سيتم عرض أهم الاعمال المنجزة حديثا، أو مازالت قيد الانجاز المتعلقة بتحقيق مخطوطات المدرسة الكنتية، في مختلف الجامعات الوطنية، وذلك على شكل عروض تفاعلية.