تتّجِهُ الأنظارُ إلى إسبانيّا، الأحد المقبل، في خضم دخول البلاد سِبَاقَ صنادِيقِ الإنتخابات التَّشريعيَّة المُقرَّرَةِ في الـ28 من أبريل الجاري، بُعَيْدَ أسابيعٍ شاقَّةٍ مِنَ الحملات الإنتخابيَّة و التّجمُّعات الجماهيريّة، عاشها مرشّحوا التّشريعيات الإسبانيّة، في ظلِّ برامج سياسيَّة و وعود متبايِنَة، كَتَبَايُن موقع قضية “الصّحراء” من برامج أحزاب، يبدوا اليساري منها أقوى حظوظاً من المُعتَدِل أو إلى اليمين، كما هو الحال في معظم الديمقراطيَّات الأوروبيّة، التي أصبحت لهجتها ميّالة إلى التّصعيد و الخِطابَات الحادّة.

 

البداية من أقصى اليسار، مع حزب “بوديموس”، الذي يحتلُّ المرتبةَ الثّانية من حيث القواعد الجماهيريَّة ( مع أزيدَ من 200 ألف منتمي)، رَابِعِ قوّةٍ سياسيّة بـ”إسبانيا” وراء “الحزب الشعبي” من حيثُ التَّمثيليَّة بالبرلمان الأوروبي (23 نائبا)، يسير على نفس الإتِّجاه الذي لطالما أزعج “الرباط”، الحزب المُرَشَّح للفَوز بالإنتخابات لكن بدون أغلبية، تضمَّن برنامجه الإنتخابي خلال هذه المحطّة، الإستمرارَ في الإعترافِ بـ”جبهة البوليساريو”، فضلاً عن المُطالبةِ بتمديدِ ولايةِ بِعثَةِ الأمَم المُتّحدة للإستفتاء في الصحراء، بما يشمل حماية وتعزيز الحقوق المدنيّة، السياسيّة، الإقتصاديّة، الإجتماعيّة، و الثّقافيّة للسّكّان الصّحراويّين (المادة 109 من البرنامج الإنتخابي).

 

 

على الجانب الآخر، لم يتطرّق برنامج الحزب “الشعبي الإسباني” ذات التّيار اللّيبرالي المحافظ، بقيادة “بابلو كاسادو” لـ”ملف الصحراء”، رغم أنّه كان قبل سنواتٍ من أبرز المدافعين عن المسؤوليّة التّاريخيّة لـ”إسبانيا” كدولةٍ مستعمرة، مُقابل تأكيده اليومَ، على ضرورة تعزيز التّعاون مع بلدان شمال إفريقيا و خاصة “المغرب”، في اِطار اِلتزامات متجدِّدة بحُسن الجوار والصّداقة و التّعاون.

 

 

و يبدوا أنّ الحزبَ باتَ يُدرك أهميّةَ العَلاقاتِ الإقتِصَادِيَّة، بصفتِهِ حِزباً يُصْطَفُّ داخِلهُ رجالُ الأعمالِ، مِمَّنْ لا يُفضِّلونَ الدُّخولَ في صراعاتِ سياسيّة، قد تُضِرُّ بعلاقتِهِم التّجاريَّة مع دُوَلِ الجِوار وعلى رأسها “المغرب”، مِمّا يجعلُ التّوجُّهات السياسيّة للحزب البارز، تتَّجِهُ نحو دعمِ الإختِصاصِ الأمميِّ الحصريِّ في حلِّ ملفِّ “الصحراء”، بشكلٍ يُحَتِّمُ على “إسبانيا” أن تقِفَ موقف الحياد الإيجابي.

 

 

أمّا الحزب الاشتراكي الحاكم، تحت قيادة رئيس الحكومة الحالية؛ “بيدرو سانشيز”، الذي حصد في السّنة الماضية، 180 صوتاً من أصل 350 برلمانيّة، مُوزَّعَة بين النواب الإشتِرَاكيِّين واليساريِّين الرَّاديكاليِّين، ثُمَّ القوميِّين الباسكيِّين، فقد جاء في البُند الثّامن من برنامَجِهِ الإنتخابي، أنّهُ “سوف نشجع حل النزاع في الصحراء من خلال الامتثال لقرارات الأمم المتحدة (…) ، و لهذا ،سوف نعمل من أحل التوصل إلى حل عادل ونهائي للنزاع”.

 

وجود أحزاب يساريّة في تحالفٍ واحدٍ مع الحزبِ الحاكم، كان له تأثيرٌ ملموسٌ على مواقفِ الحزبِ الذي سَبَقَ وأن عبَّر عن دعمِهِ للموقِفِ المغربي، من بوابةِ مشاركةِ أحَدِ قياداتِهِ البَارِزَة، “رودريغيث ثباتيرو”؛ الرّئيس الأسبق للحكومة الإسبانيّة، في أشغال مُنتدى “كرانس مونتانا” بـ”الداخلة”، الحدث الذي يُنظَّمُ كُلَّ سنَةٍ لِحشْدِ التَّأييدِ لموقفِ “المغرب”، المُتَمَسِّكِ بِمُبادَرَةِ “الحكم الذَّاتي” في “الصّحراء”.

 

إلى ذلك، كانت مؤسّسة البُحوث العامّة الإسبانيَّة، اَجرت مؤخَّراً اِستطلاعاً للرَّأي، اَكَّدت نتائجُهُ أنَّ أربعةً مِنْ بينِ عَشْرِ ناخبين، لم يحسِمُوا أمرهم بعد، تُجاهَ الحِزبِ السِّياسِيِّ المُفَضَّلِ، في ظِلِّ الزَّخَمِ الكَبِيرِ لِلأخبارِ والمعلوماتِ التي تُقَدِّمُها مُختَلفُ الأحزابِ المُتنافِسَة.

أعدَّهُ لـ”أخبار تايم” : جابر سيدي – عبد الفتاح الراجي