قدّم رئيس الحكومة عزيز أخنوش، اليوم الأربعاء في جلسة مشتركة بين مجلسي النواب والمستشارين، الذي اِغتنم الفرصة للتّنويه بالسّلطتين التّشريعيّة والتّنفيذيّة، قبل أن يقدّم فروض الطّاعة والولاء لملك البلاد، (قدّم) الحصيلة المرحليّة لنصف الولاية الحكوميّة، مستعرضا منجزات الرّؤية الملكيّة من أجل دولة عصريّة، ومُشيرا إلى قضيّة الوحدة الترابيّة والمنجزات الدّبلوماسيّة المهمّة المُحقّقة، وغيرها من المنجزات التي يأتي من بينها نسج جيل جديد من الشّراكات مع الدّول الصديقة.

وعن تنزيل التّعهّدات السّياسية، أثناء جرده الأوّلي، بمبادرة منه، لما قدّمته الحكومة خلال نصف ولايتها، اِعتبر أخنوش أنّه “من باب الواقعيّة فإن ما تحقّق في نصف الولاية الحكومية فاق كُل التّوقّعات والإنتظارات”، مؤكّدا أنّ ما تحقّق دون بحث الحكومة عن تبرير، عبر الأزمات التي عاشتها بلادنا، زاد من إصرار الحكومة على الوفاء لتجاوز ما شهده العالم من أزمات، مُعبّرا أنّ “حالة اللاّيقين التي شهدها العالم جعلتنا نتعايش مع الأزمات لتجاوزها”، ومُشدّدا أنّ ذلك جعل الحكومة تُطوّع الأزمات،مشيرا إلى ما أعقب الأزمة الصحيّة والجفاف لمدة ثلاث سنوات متتالية.

ومكّنت المُنجزات المرحليّة على لسان أخنوش، من تحقيق “شرعيّة الإنجاز بعد شرعيّة الإنتخابات”، مُؤكّدا أنّ ذلك يمنح الإرتياح للحكومة من أجل الإستمرار، قائلا “نحن على المسار الصّحيح من أجل تحقيق ما نصبو إليه جميعا”، ولافِتا بالتّصريح “لأننا على صواب وسنتجه إلى تحقيق الرهانات المرفوعة”.

وفي سياق أهميّة الحصيلة المرحليّة للحكومة في نصف ولايتها، أشار أخنوش إلى أنّ الجرد للحصيلة كان يكفي أن تقف فيه الحكومة، عند الدّعم الإجتماعي المباشر والتّغطية الصحيّة والسّكن الإجتماعي، فقط في ظرف سنتين ونصف، وهو ما يكفي، بحسب تعبير رئيس الحكومة، كحصيلة لولاية كاملة، لكنّ الحكومة لم تكتفِ بذلك بل اِنفتحت على أوراش اِصلاح أخرى مُهمّة، مُشيرا إلى الرّعاية الصحيّة، وضع المجموعات الصحيّة الجهويّة ودمج الوحدات الإستشفائيّة، والزّيادة في الأجور وغيرها.

وفي ما يتعلّق بالجانب الدّبلوماسي، قال أخنوش أنّه “لابد من الوقوف وقفة إجلال أمام المواقف الملكيّة تُجاه القضيّة الفلسطينيّة”. واستطرد بالقول أنّ “ما يقوم به رئيس لجنة القدس لا تُمليه الظّروف والمناسبات”.

وعلى صعيد المنجزات الخارجيّة، نوّه أخنوش بالدّبلوماسيّة المغربيّة التي حقّقت مجموعة من المكاسب في قضيّة الوحدة التّرابيّة للمملكة المغربيّة، بالنّظر إلى توالي الإعترافات بمغربيّة الصّحراء. مُعتبرا أنّ الصّحراء المغربيّة فضاء جيو سياسي للإستقرار، مستحضرا جدية الموقف المغربي لجعل الصحراء مدخلا للعالم نحو إفريقيا وإيصال المساعدات للدول الإفريقية.

وتابع رئيس الحكومة، أنّ الحكومة عملت في المنتصف الأوّل من ولايتها على تعبئة الإمكانات الفعليّة لتحسين البنيات التّحتيّة، والإنفتاح على الدّول الصّديقة عبر نسج جيل جديد من الشّراكات، تُوِّجت بنجاح نيل شرف التّنظيم المُشترك لمونديال 2030 بين المغرب وإسبانيا والبرتغال، كما لفت إلى إبرام اِتّفاق تفاهم واِعلان شراكة مغربيّة مع دولة الإمارات، متابعا أن هذه الدينامية توجت بإعلان مبادرة دوليّة لتسهيل ولوج دول السّاحل إلى الأطلسي.

وأكّد أخنوش، على المكانة الهامّة التي بات يحتلها المغرب على الصّعيد الدولي في المجال الحقوقي، معتبرا أنّ نجاحه في نيل رئاسة مجلس حقوق الإنسان التّابع للأمم المتّحدة، “ما هو إلا تكريس للمسار الحقوقي للمملكة، وتعبير صريح من المنتظم الدّولي عن الثّقة والمصداقيّة التي تحظى بها بلادنا في هذا المجال” .

وصِلةً بالموضوع، اِعتبر أخنوش أنّ إقرار جلالة الملك، ترسيم رأس السّنة الأمازيغيّة كيوم وطني وعطلة رسميّة مُؤدّى عنها، شكّل لحظة تاريخيّة فارقة من شأنها أن تُعزّز المُكتسبات الهامّة التي حقّقتها الأمازيغيّة، مُلفتا كذلك إلى أنّه تجسيدا للعناية الكريمة التي ما فتئ يوليها جلالة الملك للنّهوض بقضايا المرأة والأسرة بشكل عام، وحرصه الدّائم على الحفاظ على تماسك الأسرة، دعا جلالته في الرّسالة السّامية الموجّهة الى رئيس الحكومة بتاريخ 26 شتنبر 2023 لإعادة النّظر في مدوّنة الأسرة، وأسند للهيئة المكلّفة بمراجعة المدوّنة، الإشراف العملي على إعداد هذا الإصلاح الهام، من خلال إجرائها لمشاورات واسعة، تُنصت فيها إلى مقترحات الفاعلين المؤسّساتيّين وفعاليّات المجتمع المدني العاملة في مجال حقوق الإنسان وحقوق المرأة والطفل، والقُضاة والخُبراء والممارسين .

وعن رهان الحكومة، فقد لفت أخنوش إلى أنّ الثّقة في قدرة الحكومة على بناء إقتصاد قوي ومهيكل ومن خلق فرص الشّغل، تحرص الحكومة عبر مجهوداتها على أن لا يتترك المغاربة دون حفظ كرامتهم وتقوية مناعة الإقتصاد الوطني وتحقيق التّنمية، وهو التّعاقد الإجتماعي الذي ستظل الحكومة وفيّة له لإنجاح هذه الرّهانات، وهو ما دفع الحكومة لفتح الحوار والإلتزام بما تعهدت به الحكومة في الحوار الإجتماعي، كما أكّد أخنوش أنّ الحكومة اختارت منهجيّة جديدة في الإنتقائيّة والتّفاهم واِرساء عمل حكومي، أقرب إلى الواقع وأكثر مواكبة للتّغيُّرات الآنيّة.

ولفت رئيس الحكومة، إلى أنّ الأغلبيّة الحكوميّة تعرفُ اِنسجاما حكوميّا مُستقرّا ومستمرّا بنجاعة عمله، مع التّشديد على الإستثمار الأمثل للعمل الحكومي، وعدم هدر العمل الحكومي في صراعات فارغة.

وقال أخنوش، أنّ العنوان العريض للمرحلة هو ترسيخ قواعد الدّولة الإجتماعيّة، وأنّ “الفضل الحصري لهذا المشروع يرجع لصاحب الجلالة الملك محمد السادس”، في إشارةٍ من أخنوش إلى أنّ الحكومة عملت على تسريع وتيرة هذا المشروع لتجسيد وتكريس الدّولة الإحتماعيّة، وهو ما تؤكّدهُ “ثورة اِجتماعيّة غير مسبوقة” في تعميم التّغطية الصّحيّة الشّاملة، بتعبير عزيز أخنوش، والحكامة التّدبيريّة في تنزيل ورش التّغطية الصحيّة “ليس كما وقع مع نظام راميد”.

وشدّد أخنوش، مُخاطبا النّواب والمُستشارين، على “أننا أمام ثورة اجتماعية حقيقية، قوامها التضامن والتكافل ودعم الترقي الاجتماعي لفئات واسعة من أبناء الوطن”.

وأشار رئيس الحكومة، إلى أنّ مهندس الدّولة الإجتماعيّة هو الملك محمد السادس، ولا مجالَ للمزايدة بين الأحزاب السّياسيّة في هذا الورش المهم والكبير. كما شدّد، خلال عرضه لحصيلة نصف الولاية الحكوميّة، على أنّ التّغطية الصحيّة ودعم السّكن وغيرها من المبادرات، هي تجسيد للفلسفة الملكيّة.

وبلغ عدد المستفيدين من الدّعم الإجتماعي المباشر منذ إطلاق منصّة التّسجيل الإلكترونيّة في 2 دجنبر 2023 إلى حدود نهاية شهر مارس 2024، ما مجموعه 3,5 ملايين أسرة، تضم أكثر من 12 مليون شخص، وذلك وفق ما كشف عنه أخنوش خلال تقديمه للحصيلة المرحليّة للحكومة في نصف ولايتها الأولى.

وتابع أخنوش، خلال بسطه لنفس الحصيلة المرحليّة للحكومة، أن هذه المنظومة تعتمد على السّجل الإجتماعي الموحّد (RSU)، كآلية رئيسيّة لتحديد المُستفيدين من الدّعم، مفيدا أنّ العدد المذكور أعلاه بلغ ما يقارب 5 ملايين طفل (منهم مليون و200 ألف طفل عمرهم أقل من 5 سنوات).

واستطرد أخنوش، أنّ الرّقم الذي توصّل بالدّعم بلغ مليون و400 ألف أسرة ليس لها أطفال تستفيد من المنحة الشّهريّة الجزافيّة (500 درهم)، وبينهم مليون و200 ألف مستفيد تفوق أعمارهم 60 سنة.

وعن فكرة ورش الدّعم المُباشر للأسر المغربيّة، أشار أخنوش إلى أنّه ورش “مهندسه الملك بعبقريته المعتادة”، وتابع قائلا أنّ لحظة تفعيله “تبقى من المحطات التاريخية المتميزة، التي سيتذكرها كل المغاربة”. كما أكّد أخنوش على أنّ هذا الورش الوطني النّبيل، سيُمكّن ملايين الأُسر المغربيّة، ضعيفة الدّخل، من الخروج من الهشاشة والتّهميش الإجتماعي.

وفي نفس السّياق، اِعتبر رئيس الحكومة أنّ قضيّة محاربة الفقر والهشاشة وحفظ كرامة المواطنين ليست قضيّة يمين أو يسار أو وسط، وليست شعارات للإستهلاك وتلميع الصّورة، بل هي قضيّة ملك وشعب تطمح إلى ضمان شروط العيش الكريم وتقوّي مناعة الأسرة.

وكشف نفس المسؤول الحكومي، أنّه تمّ في ظرف وجيز إعداد وإخراج جميع النّصوص القانونيّة والتّنظيميّة المؤطّرة في إشارة إلى القانون المتعلّق بنظام الدّعم الإجتماعي المُباشر، ثمّ القانون الخاص بإحداث الوكالة الوطنيّة للدّعم الإجتماعي، علاوةً على عدد من المراسيم التّطبيقيّة والقرارات الوزاريّة، إلى جانب التّسريع بإخراج السّجِل الإجتماعي الموحّد، سنة 2023 عوض 2025 المسطّرة سابقا.

وحدّدت الحكومة، وفق ما أفاد به أخنوش، القيمة الدُّنيا للدّعم في ما لا يقِل عن 500 درهم شهريّا، وكشف أنّ تفعيل هذا الورش الوطني الإجتماعي، يكلّف ميزانية 25 مليار درهم برسم سنة 2024، ثم 26.5 برسم سنة 2025، ليصل إلى 29 مليار درهم بحلول سنة 2026.

وأشار رئيس الحكومة، إلى أنّ الحكومة نجحت في توفير الكلفة الماليّة لهذا الورش الإستراتيجي، ولم تتذرّع بالأزمة المُركّبة والمُعقّدة التي فرضت عليها تعبئة مجهودات اِستثنائية للخروج من آثارها، وهو ما يعكس إرادة الحكومة على تنزيل تعهّداتها والوفاء بها.

واستعرض عزيز أخنوش، مقدار الزّيادة في أجور الأطباء والأساتذة، التي بلغت 3800 و1500 درهم على التّوالي، كما تعهّد بمضاعفة أعداد طلبة كليّات الطّب والصّيدلة في أفق سنة 2025.

وحرصت الحكومة على لسان رئيسها، على تثمين الموارد البشريّة بقطاع الصحّة وتحفيزها، في إشارة إلى الرّفع من أجرة الأطبّاء منذ السّنة الأولى من الولاية الحكوميّة، عبر تمكينهم من الرّقم الإستدلالي 509 المُخوّل للحاصلين على دكتوراه الدّولة، أي بزيادة صافية تبلغ 3800 درهما شهريّا، مُلفِتا أن ذلك قد تمّ اِستجابةً لمطلب فاق ما يُناهز عقدين من الزّمن، وأنّه تحفيزٌ في صالح خدمة القطاع الصّحّي والمواطنين المغاربة.

وأضاف أخنوش، أنّ رفع أجور العاملين في القطاع الصحّي العمومي، يأتي نتيجةً للإتّفاق الحاصل للحوار القطاعي لفبراير 2022، كما يعكس الأهميّة التي توليها الحكومة لتعزيز الخدمات الصحيّة، وتحسين الشّروط الماديّة لمهنيّي القطاع، من خلال إقرار زيادات في أجور مهنيّي الصحّة بمختلف فئاتهم ودرجاتهم.

وأورد رئيس الحكومة، أنه تم العمل على تنزيل اِتّفاقية إطار بين القطاعات المعنيّة، من أجل الرّفع من الطّاقة التّكوينيّة للطّلبة الأطبّاء، في أفق مضاعفتها مرّتين سنة 2025.

وفي نفس السّياق، أوضح رئيس الحكومة أن ذلك بهدف “تجاوز الحد الأدنى الموصى به من طرف المنظّمة العالميّة للصحّة، المُتمثّل في عتبة 23 مهني صحّة لكل 10,000 مواطن، سنة 2026، ومضاعفته لبلوغ معدّل 45 مهني صحّة لكل 10,000 مواطن في أفق 2030، بالموازاة مع جملة من الإجراءات المصاحبة لضمان جودة التّكوين الطبّي”.

ولأجل ذلك، لفت أخنوش إلى أنّه تمّ تسجيل 10.000 طالب في كليّات الطّب والصّيدلة وطب الأسنان و15,725 بالمعاهد العُليا للمهن التّمريضيّّة وتقنيات الصحة خلال السّنوات الدّراسيّة 2022-2023.

وبخصوص الشّغّيلة التّعليميّة، لفت أخنوش إلى أنّ الحكومة قد حرصت على تحسين ظروف اِشتغال رجال ونساء التّعليم، من خلال مقاربة تشاوريّة في إطار الحوار الإجتماعي المؤسّساتي، حيثُ صادقت على النّظام الأساسي الخاص بموظّفي الوزارة المكلّفة بالتّربية الوطنيّة من طرف المجلس الحكومي المُنعقد بتاريخ 15 فبراير 2024.

وأشار نفس المسؤول الحكومي، إلى أهميّة هذا الإنجاز الحكومي في كونه يأتي “بعد أكثر من 20 سنة على صدور النظام الأساسي لموظفي وزارة التربية الوطنية سنة 2003”. مُضيفا، أنّ توقيع اِتّفاقي 10 و26 دجنبر 2023، أسفر على مخرجات عكست وفاء الحكومة بالتزاماتها تُجاه أسرة التّربية والتّكوين.

وتابع رئيس الحكومة، مُبرزا أنّ أهم هذه المخرجات تتمثّل في إقرار زيادة عامّة في أجور كافّة أسرة التّعليم بمختلف الهيئات والدّرجات، بمبلغ شهري صافٍ حُدِّدَ في 1.500 درهم موزّعة على شطرين.